غادة السمان
غادة السمان
أنسي الحاج
أنسي الحاج
-A +A
راوية حشمي (بيروت)
عندما نشرت الكاتبة السورية غادة السمان رسائل الشاعر الراحل أنسي الحاج إليها ماذا كان هدفها؟ قد تكون الإجابة عن هذا التساؤل هو مفتاح فك الأحجية التي شغلت الساحة الثقافية العربية التي انقسمت ما بين مؤيد ومعارض لنشر هذه الرسائل وما بينهما فئة غير مبالية كزميل أنسي الحاج في صحيفة النهار اللبنانية الكاتب والمفكر عقل عويط الذي رفض عبر اتصال مع «عكاظ» التعليق حول الموضوع قائلا: «هذا الحدث لا يهمني».

من جهته، اعتبر الشاعر شوقي بزيع في تصريح خاص بـ«عكاظ» أنه عندما يكون المرء شخصية عامة لا تعود حياته وسيرته ملكا له وحسب، بل تصبح متاحة لفضول الآخرين ولتربصهم ولنقدهم ولامتداحهم. وأوضح «أنه في الأدب الغربي هناك قدر واسع جدا من الصراحة والوضوح في تقديم الذات لما نلمسه بالسيرة الجريئة التي يقدمها الكتاب عن أنفسهم عبر كشفهم عن سريرتهم دون أقنعة ومواربة، لذلك أنا لست ضد أن تنشر غادة السمان لرسائل أنسي الحاج، بل اعتبرت أن ما قدمته الكاتبة هو مفاجأة من العيار الثقيل على الصعيد الأدبي، فيما المفاجأة الثانية بالنسبة لي كانت عدم اكتشافي لهذه العلاقة وأنا كنت الصديق المقرب لأنسي وكنت على معرفة بعلاقاته المتعددة إلا هذه الرسائل أو هذه العلاقة لم أعرف عنها شيئا من قبل».


وأضاف: «إذا أردت أن أتناول هذه الرسائل فنيا فأجد أن النصوص التي أرسلها أنسي الحاج لم تكن في مستوى الكتابة التي عُرف بها إن في صحيفة «النهار» أو في شعره النثري الذي فتح عبره أبوابا كانت مغلقة. فالبرغم من بعض الإصابات العالية من المجاز أحيانا والصدق أحيانا أخرى، إلا أن طابعها كان إنشائيا وهذا ما لم نعرفه عن أنسي، لم نعتد على الأسلوب الإنشائي في أدبه وهذه الرسائل لا أعتبرها جوهرا من جواهر أنسي وأعتقد أنه عندما كتبها كان مهموما في تقديم مشاعره للكاتبة ولم يكن مهموما في تقديم نموذج أدبي. أما المأخذ الفني الثاني على هذا العمل هو غياب رسائل الكاتبة السمان، فلو كانت الرسائل متبادلة بين هذين الشخصين، لكان الأمر أكثر متعة وكان العمل سيقدم مقاربة للعشق عبر اللغة التي هي أعلى درجات التعبير».

رئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين السابقين الدكتور روحي البعلبكي اعتبر بدوره أن ما قامت به الكاتبة غادة السمان هو حركة أدبية مشروعة. وقال في تصريح لـ«عكاظ»: «إن نشر رسائل حميمة ليطلع عليها الجمهور هي مسألة ذات وجهين، الوجه الأول ذو طابع جرأة وإقدام عند كشف أمور كانت في الأساس تعتبر سرية. والوجه الثاني هو انتهاك حرمة الخصوصية والحميمية التي تطبع العلاقات الخاصة والسرية. وهذا التضارب ما بين الوجهين كان دائما موضع تردد عند الكثيرين ممن أرادوا التعبير عما جرى في علاقة معينة». واعتبر أن التردد يكون بين البوح وبين الكتمان ولكل منهما حسناته وسيئاته.

وختم الدكتور بعلبكي لـ «عكاظ»: «عندما يكتب شخص مذكراته يكون هو الشاهد الوحيد على نفسه أما أن يكتب مذكرات تجمعه بشخص آخر يكون ما زال على قيد الحياة فمن الممكن أن يعرض هذا الأخير لمحاسبة من الكاتب لكن لا مانع من الكتابة عن أشخاص متوفين».